تُستخدم الأدوية الموصوفة طبيًا عادة بهدف تخفيف الألم أو علاج الاضطرابات الصحية، ولكنها قد تكون سلاحًا ذو حدين، إذ أنها قد تتحول مع الوقت إلى مصدر للإدمان دون أن يشعر المريض، تابع قراءة هذه المقالة لتعرف أكثر عن إدمان الأدوية الموصوفة طبيًا وطرق العلاج.
ما هو إدمان الأدوية الموصوفة طبيًا؟
- إدمان الأدوية أو إساءة استخدام الأدوية الموصوفة تعني تناول دواء بطريقة تختلف عن إرشادات الطبيب، سواء باستخدامه دون وصفة طبية، أو بجرعات غير مناسبة، أو لغرض التجربة أو البحث عن الشعور بالنشوة.
- تشمل الأدوية الأكثر شيوعًا للاستخدام السيئ، تلك المخصصة لعلاج الألم، واضطرابات نقص الانتباه، والقلق، إذ تُستخدم هذه الأدوية بمعدلات تفوق حتى تعاطي الماريجوانا بين متعاطي المخدرات غير المشروعة.
- مع مرور الوقت، تؤدي إساءة استخدام هذه الأدوية إلى تغييرات في آلية عمل الدماغ، مما يُضعف القدرة على ضبط النفس واتخاذ القرارات السليمة، ويعزز الرغبة الشديدة في الاستمرار بالتعاطي، وقد أدت هذه الظاهرة إلى تفاقم العواقب الصحية، مثل: زيادة معدلات الدخول إلى مراكز العلاج، وزيارات غرف الطوارئ، وارتفاع أعداد الوفيات الناتجة عن الجرعات الزائدة.

ما هو إدمان الأدوية الموصوفة طبيًا
أسباب إدمان الأدوية الموصوفة
يوجد العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى الإدمان على الأدوية، سواء كانت موصوفة طبيًا أو غير ذلك:
- هناك عوامل إضافية تساهم في تطور الإدمان، منها العوامل الوراثية، إذ قد يكون الاستعداد للإدمان موروثًا في بعض العائلات.
- قد يلجأ البعض لاستخدام الأدوية أيضًا كوسيلة للهروب من مشاكل الحياة الصعبة مثل: البطالة، الفقر، التوتر، أو انهيار العلاقات الشخصية.
أما بالنسبة للأسباب المباشرة التي تدفع المراهقين والبالغين لإساءة استخدام الأدوية الموصوفة، فتشمل:
- البحث عن الشعور بالراحة أو النشوة.
- الرغبة في الاسترخاء أو تخفيف التوتر.
- تخفيف الألم الجسدي أو النفسي.
- تقليل الشهية أو التحكم بالوزن.
- زيادة اليقظة والانتباه.
- تجربة التأثيرات النفسية للمادة بدافع الفضول.
- منع أعراض الانسحاب والحفاظ على الإدمان القائم.
- السعي للقبول الاجتماعي أو التفاعل مع الأقران.
- محاولة تحسين الآداء الدراسي أو العملي.
أعراض إدمان الأدوية
قد يكون من الصعب أحيانًا اكتشاف إساءة استخدام الأدوية الموصوفة، إذ أن ظهور بعض الآثار الجانبية لا يعني بالضرورة وجود مشكلة، ومع ذلك، هناك مجموعة من العلامات التي قد تشير إلى الإدمان أو بداية اضطراب تعاطي المواد (SUD)، وهو المصطلح السريري للإدمان، من أبرز الأعراض والعلامات ما يلي:
- الحاجة المستمرة لاستخدام الدواء بانتظام أو بجرعات أكبر للتعامل مع الحياة اليومية.
- تناول جرعات أعلى من الموصوفة أو لفترة أطول مما كان مخططًا له.
- الرغبة الشديدة في تناول الدواء وعدم القدرة على مقاومة الإلحاح.
- الشعور بالقلق أو الانزعاج عند عدم توفر الدواء.
- قضاء وقت طويل في الحصول على الدواء أو استخدامه أو التعافي من تأثيره.
- صعوبة تقليل الجرعة أو التوقف عن تعاطي الدواء رغم المحاولات.
- الاستمرار في الاستخدام رغم تأثيره السلبي على العمل أو العلاقات الشخصية أو الصحة العامة.
- التخلي عن الأنشطة الاجتماعية أو الترفيهية أو المهنية بسبب الانشغال بتعاطي الدواء.
- استخدام الدواء في مواقف خطرة أو استمرار استخدامه رغم معرفة أضراره الصحية.
- الشعور باللوم أو الخجل عند مناقشة كمية الدواء مع الطبيب أو الصيدلي.
- ظهور أعراض انسحابية مزعجة عند التوقف عن تناوله بانتظام.
زيادة التحمل للدواء أو ظهور أعراض انسحاب لا يُعتبر بالضرورة علامة على إساءة الاستخدام، إذا كان تناول الدواء يتم تحت إشراف طبي ملتزم بالتوجيهات.
الأدوية الأكثر شيوعًا التي يمكن أن تؤدي إلى الإدمان
تشمل فئات الأدوية الطبية الأكثر عرضة لسوء الاستخدام: المواد الأفيونية، ومثبطات الجهاز العصبي المركزي (مثل المهدئات)، والمنشطات.
المواد الأفيونية
- توصف المواد الأفيونية، المعروفة أيضًا بمسكنات الألم، لعلاج الآلام الشديدة أو المزمنة، تعمل هذه المواد بالارتباط بمستقبلات معينة في الدماغ، مما يعطل نقل إشارات الألم بين الجسم والدماغ، ويقلل من الإحساس بالألم، كما تحفز المواد الأفيونية زيادة نشاط الدوبامين، وهو ناقل عصبي يلعب دورًا رئيسيًا في الشعور بالمكافأة وتعزيز بعض السلوكيات.
- تشمل علامات وأعراض إساءة استخدام المواد الأفيونية ما يلي:
- النشوة.
- الخمول.
- النعاس.
- الارتباك.
- الدوخة.
- تغيرات في الرؤية.
- الصداع.
- النوبات.
- صعوبة التنفس.
- الغثيان.
- القيء.
- الإمساك.
- تغيرات في السلوك أو الشخصية.
مثبطات الجهاز العصبي المركزي
- تضم مثبطات الجهاز العصبي المركزي الأدوية المهدئة والمنومة مثل الباربيتورات والبنزوديازيبينات، إلى جانب ما يعرف بـ”أدوية Z” المستخدمة لعلاج الأرق.
- يصف الأطباء هذه المثبطات لعلاج: القلق، واضطرابات النوم، والنوبات، وتشنجات العضلات.
- تعمل معظم هذه الأدوية من خلال التفاعل مع مستقبلات حمض غاما أمينوبوتيريك (GABA) أو تعزيز تأثيره، وهو ناقل عصبي يساهم في تهدئة نشاط الدماغ والجسم، مما يساعد على تخفيف القلق وتعزيز النوم والشعور بالراحة.
- عند بدء استخدام هذه المثبطات، قد يعاني المريض من النعاس وصعوبة في التنسيق خلال الأيام الأولى، ومن الآثار الجانبية الأخرى المرتبطة باستخدامها أو سوء استخدامها:
- النعاس.
- الخمول.
- الانفعال.
- الارتباك.
- مشاكل الذاكرة.
- الدوخة.
- الصداع.
- تغيرات في الرؤية.
- فقدان التنسيق.
- تلعثم الكلام.
- الغثيان.
- القيء.
- تغيرات في السلوك أو الشخصية.
المنشطات
- يصف الأطباء المنشطات لعلاج: اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD)، والنوم القهري، والسمنة.
- تؤثر هذه الأدوية على إشارات الدماغ من خلال تعديل نشاط بعض النواقل العصبية، خاصة النورإبينفرين والدوبامين.
- النورإبينفرين يساهم في تنظيم استجابة الجسم للطوارئ (القتال أو الهروب) ويلعب دورًا مهمًا في وظائف مثل: ضربات القلب والتنفس.
- أما الدوبامين، فهو مرتبط بالشعور بالمكافأة والتحفيز وتعزيز بعض السلوكيات.
- تشمل علامات وأعراض إساءة الاستخدام ما يلي:
- النشوة.
- العدوانية أو العدائية.
- جنون العظمة.
- الهلوسة.
- فقدان الشهية.
- فقدان الوزن.
- تسارع نبضات القلب.
- اتساع حدقة العين.
- تغيرات في الرؤية.
- صداع.
- غثيان.
- تقيؤ.
- تغيرات في السلوك أو الشخصية.
طرق علاج إدمان الأدوية الموصوفة طبيًا
إذا كنت أنت أو أحد أحبائك تعاني من مشكلة تعاطي الأدوية الموصوفة، فهناك العديد من الخيارات المتاحة للحصول على الدعم والعلاج.

طرق علاج إدمان الأدوية الموصوفة طبيًا
يعتمد العلاج الفعّال على نوع الدواء المُستخدم واحتياجات كل شخص، ويتضمن عادة عدة جوانب، منها:
تُجرى عملية إزالة السموم تحت إشراف طبي ونفسي متواصل، لمساعدتك على التخلص من المواد المخدرة والتعامل مع أعراض الانسحاب بأمان وراحة.
يتطلب هذا النوع من العلاج الإقامة داخل مركز متخصص، حيث تتلقى استشارات فردية وجماعية، ورعاية نفسية، وتثقيف حول الإدمان، وأدوية داعمة عند الحاجة، وهو يهدف إلى معالجة أسباب التعاطي وتطوير استراتيجيات بديلة للتعامل مع التحديات.
يتيح لك العلاج الخارجي حضور جلسات علاجية منتظمة أثناء الاستمرار في حياتك اليومية، ويشمل استشارات فردية وجماعية، مع إمكانية وصف أدوية داعمة بحسب الحاجة.
تعتمد كثير من برامج العلاج على تقنيات العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، والتي تساعدك على تغيير أنماط التفكير والسلوك المرتبطة بالتعاطي، وتعزيز مهارات التأقلم، والحد من خطر الانتكاس، وتحسين علاقاتك الاجتماعية.
قد تُستخدم أدوية معتمدة من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) ضمن خطة العلاج، بهدف تقليل الرغبة الشديدة وخطر الانتكاس، كما يمكن وصف أدوية إضافية لمعالجة مشكلات صحية أخرى مصاحبة.
إذا وجدت صعوبة في التوقف عن استخدام الأدوية الموصوفة، أو لاحظت تأثيرًا سلبيًا على صحتك الجسدية أو النفسية أو الاجتماعية، أو كنت تعاني من أعراض انسحاب عند محاولة التوقف، فقد يكون من المناسب التفكير الجاد في بدء العلاج.
إليك بعض النصائح للوقاية من إدمان الأدوية الموصوفة
للاستخدام الآمن للأدوية الموصوفة، توصي إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) بما يلي:
- اتبع تعليمات الطبيب بدقة.
- لا تعدّل الجرعة بالزيادة أو النقصان دون استشارة الطبيب.
- لا تتوقف عن تناول الدواء من تلقاء نفسك.
- لا تسحق أو تكسر الأقراص، خاصةً إذا كانت مُعدة لإطلاق الدواء ببطء.
- تعرف على كيفية تأثير الدواء على قدرتك على القيادة أو آداء المهام اليومية.
- استفسر عن التفاعلات المحتملة مع الكحول أو الأدوية الأخرى، سواء كانت موصوفة أو متاحة بدون وصفة.
- تحدث مع طبيبك بصراحة عن أي تاريخ شخصي أو عائلي لإساءة استخدام المواد.
- لا تشارك أدويتك مع الآخرين، ولا تستخدم أدوية لم تُوصف لك.
المصادر:
اترك تعليقاً
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *