”الوسواس القهري في الدين” الحرية المطلقة التي منحها الله للإنسان هي حرية التفكير، ملكية خالصة له ولا سيطرة لقوة عليه ولا حدود تقف أمامه ومن سمات العقل وهو يقوم بالتفكير استعمال المنطق والعلم، وعرف الإنسان التفكير المنطقي وهو شكل من أشكال التفكير العلمي ولهذا فهو يرفض الأفكار الزائفة والخاطئة والغير منطقية بسهولة فإرادة الإنسان الواعية هي التي تعطي للإنسان الفكرة التي يعمل فيها العقل وتطرد الأفكار التي يرفضها العقل فالإنسان السوي قادرًا على طرد أي فكرة سخيفة أو غير منطقية من عقله فمريض الوسواس القهري لا يستطيع فعل ذلك وينجرف وراء هذه الأفكار ولا يستطيع السيطرة عليها.

الوسواس القهري في الدين

اضطراب الوسواس القهري يصيب عادة نوع معين من الشخصيات وهذه الشخصية تسمى الشخصية القهرية compulsive Personality وهي شخصية تتسم بالدقة وحب النظام والأمانة واتباع الأصول ومراعاة القانون ولكنها تتسم أيضًا بالصلابة والعناد وعدم المرونة ولهذا في تصطدم دائمًا بالناس.

يلعب عامل الثقافة والحضارة دور كبير في الإصابة بالوسواس القهري فيتغلب على المرضى العرب والمصريين الوساوس الدينية مثل العيب في الذات الإلاهية والصور المسيئة التي تنتاب المريض أو المريضة عن الله أو الأنبياء” الوسواس القهري في الدين” وهناك فرق بين ما يسمى الوساوس وبين الوسواس القهري لذلك أغلب مرضى الوسواس القهري قبل أن يلجئو إلى طبيب نفسي يذهبوا إلى شيخ وهذا تفكير خاطئ فهناك فرق بينهم.

فالوسوسة هي عبارة عن خواطر أو مدخلات تتكرر على النفس في ما هو موجب وفي ما هو سالب والوسوسة في حد ذاتها ليست مشكلة، طالما أن هذه القدرة على تلقي المدخلات والإحساس بالوجدان الداخلي موجود ستكون هذه الوساوس موجودة فالوسوسة في حد ذاتها صحية ك الوسواس فى الوضوء .

الفرق بين الوسوسة و الوسواس القهري

ولكي نفرق بين الوسوسة والوسواس القهري في الدين فالوسوسة عبارة عن فكر أو شعور أو سلوك متكرر لحوح عندما يصل هذا الإلحاح إلى درجة تدخل هذه الوساوس في حياته اليومية وعدم القدرة على الإنتاج والطمأنينة هنا ندخل في تعريف الوسواس القهري، هناك شيء من الإجبار ليس مجرد وسوسة تأتي لتعجيز الفرد ثم تزول عنه، لا فهي طائف يطوف بالشخص المصاب ولا يتركه إلى أن يستجيب له وتتحول الاستجابة هذه أنه يريد أن يسكت هذا الشعور فيضطر لللاستجابة إلى هذه الفكرة فتصبح هذه الاستجابة هي المريحة له.

كيف يتم تشخيص اضطراب الوسواس القهري

أولاً يجب الذهاب إلى الطبيب النفسي ” مركز بداية للطب النفسي و علاج الإدمان” والتحدث معه بشأن الأعراض التي تعاني منها ويجب أن يقوم هذا الطبيب بإجراء العديد من الفحوصات الطبية للتأكد من أن هذه الأعراض ليست بسبب أي مرض عضوي آخر وللتأكد من عدم وجود مشكلة جسدية.

قد يكون من الصعب في بداية الأمر تشخيص اضطراب الوسواس القهري في الدين بسبب تداخل أعراضه مع أعراض أمراض نفسية أخرى مثل الاكتئاب والقلق.

ليس كل من لديه وساوس أو سلوكيات قهرية يعاني من الوسواس القهري فتكون مصابًا بهذا الاضطراب عندما:

لا يمكنك التحكم في هذه الأفكار والسلوكيات حتى مع اعتقادك بأن هذه الأفكار غيرطبيعية.

القضاء فيما لا يقل عن ساعة واحدة يوميًا للتفكر في هذه الأفكار أو السلوكيات.

لا تشعر بالسعادة بالطبع عن آداء السلوكيات التي تفرضها أفكارك على القيام بها لكنك تشعر بالراحة اللحظية عند القيام بها.

تسبب هذه الأفكار والسلوكيات العديد من المشاكل في حياتك اليومية.

ولكي يتم تشخيص هذا الاضطراب يجب الإحساس بالأعراض الثلاث الخاصة بالوساوس و الأفعال القهرية.

أولاً بخصوص الوسواس:

اقتحام أفكار أو اندفاعات أو صور ذهنية متكررة وتم شرحها بالتفصيل في مقال علاج الوسواس القهري ومستمرة تسبب له القلق.

محاولة المريض إيقاف أو صرف هذه الأفكار أو الاندفاعات والصور.

إدراك المريض أن الأفكار أو الاندفاعات أو الصور الذهنية أو الصور الذهنية هي نتاج عقله وليست آتية من الخارج.

ثانيًا: بخصوص الافعال القهرية:

سلوكيات متكررة أو أفعال متكررة يدفع الفرد إلى تأديتها استجابة للوسواس.

تهدف هذه السلوكيات إلى منع وقوع كرب أو مصيبة له أو لأحد أفراد أسرته.

يدرك الفرد أن الأفعال القهرية غير معقولة وغير واقعية.

من الذي يصاب بالوسواس القهري

تتساوى الإصابة بالوسواس القهري في الدين لدى الرجال والنساء من جميع الفئات والأجناس.

يمكن أن يبدأ اضطراب الوسواس القهري في أي وقت من مرحلة ما قبل المدرسة إلى مرحلة البلوغ.

على الرغم من أن الوسواس القهري يمكن أن يحدث في أي عمر ، إلا أن هناك فئتين عمريتين عندما يميل الوسواس القهري إلى الظهور لأول مرة: بين سن 8 و 12 سنة، بين سنوات المراهقة المتأخرة وأوائل البلوغ.

هناك واحد على الأقل من بين 200 أو 500000 من الأطفال والمراهقين الذين يعانون من اضطراب الوسواس القهري.

عوامل خطر الإصابة بالوسواس القهري

لا تزال أسباب الإصابة بالوسواس القهري في الدين معروفة حتى الآن لكن هناك دراسات وأبحاث تقول أن المصابين بهذا الاضطراب لديهم اختلاف في بنية الدماغ

تشير الأبحاث إلى أن مرضى الوسواس القهري لديهم مشاكل في الاتصال بين الجزء الأمامي من الدماغ والهياكل الأعمق للدماغ حيث تستخدم هياكل الدماغ هذه ناقلًا عصبيًا (بشكل أساسي ، رسول كيميائي) يسمى السيروتونين.

تُظهر صور الدماغ أثناء العمل أيضًا أنه في بعض الأشخاص ، تصبح دوائر الدماغ المرتبطة بالوسواس القهري أكثر طبيعية مع الأدوية التي تؤثر على مستويات السيروتونين (مثبطات امتصاص السيروتونين

تشير الأبحاث أن عوامل خطر الإصابة بالوسواس القهري تزداد إذا كان أحد الأقارب مصاب بهذا الاضطراب ومن المحتمل أن تلعب الجينات دورًا في تطور الاضطراب ومع ذلك، يبدو أن الجينات مسؤولة جزئيًا فقط عن التسبب في الاضطراب، لا أحد يعرف حقًا ما هي العوامل الأخرى التي قد تكون متورطة ، ربما المرض أو حتى ضغوط الحياة العادية التي قد تحفز نشاط الجينات المرتبطة بأعراض الوسواس القهري.

الوسواس القهري الذي يبدأ في الطفولة

يعتقد بعض الخبراء أن الوسواس القهري الذي يبدأ في الطفولة قد يكون مختلفًا عن الوسواس القهري في الدين الذي يبدأ عند البالغين، على سبيل المثال أظهرت مراجعة حديثة لدراسات التوائم أن الجينات تلعب دورًا أكبر عندما يبدأ الوسواس القهري في مرحلة الطفولة (45-65٪) مقارنة بالوقت الذي يبدأ فيه في مرحلة البلوغ (27-47٪).

يجب التنويه على أننا جميعًا معرضين للإصابة بأي مرض نفسي سواء أكان هذا المرض أو أي مرض أو اضطراب آخر مثل القلق أو الاكتئاب… فإذا شعرت بأعراض غير طبيعية واستمرت هذه الأعراض أكثر من أسبوعين للحد الذي أثر على جميع مجالات حياتك يجب التردد فوراً إلى الطبيب النفسي.

كتب المقال: د.عاء أحمد

المصادر

https://www.webmd.com/mental-health/

https://www.nimh.nih.gov/health/topics/obsessi

كتاب الطب النفسي للدكتور عادل صادق 

كتاب الطب النفسي المعاصر دكتور أحمد عكاشة