ما هي التروما وكيف تؤثر على صحتك النفسية؟

الحياة مليئة بالكثير من التجارب التي قد تكون سلبية وقد تكون إيجابية، ولكل تجربة أثر نفسي يعود على الشخص سواءً كان بالإيجاب أو بالسلب، وفي كثير من الأحيان يكون من الصعب على الإنسان تخطي آثار التجارب السيئة ويصاب بصدمة، ويظل الإنسان عالقًا في تجربته مدة طويلة، مما يؤثر على حياته اليومية بشكل سلبي، وهذا هو ما يسمى بالصدمة النفسية “التروما”، في هذه المقالة إجابات لجميع تساؤلاتك حول ما هي التروما وما هي أنواعها وأعراضها وطرق علاجها.

ما هو معنى كلمة تروما؟

ما هي التروما

معنى كلمة تروما أو كما يطلق عليها باللغة الإنجليزية “trauma”، هو الإصابة بصدمة نفسية نتيجة مرور الشخص بتجربة سلبية مؤلمة، مثل: التعرض لبعض المواقف التي يشعر فيها الشخص بالحزن أو بالخوف الشديد أو يشعر فيها بأنه عاجز تمامًا عن التصرف، مما يؤثر بالسلب على سلامته العقلية والعاطفية والاجتماعية، وفيما يلي أمثلة لبعض المواقف التي قد تسبب صدمات نفسية:

فقد شخص عزيز بشكل مفاجئ.
التعرض للاعتداء الجسدي أو الجنسي خصوصًا في مرحلة الطفولة.
العيش مع أحد أفراد الأسرة الذي يعاني من اضطرابات نفسية.
تعرض الشخص أو تعرض أحد المقربين له لحادث سيارة مؤلم.
العنف المجتمعي والحروب.
إصابة الشخص أو أحد المقربين له بمرض خطير.

تعرف على أسباب التروما

لا توجد قاعدة تُحدد ما إذا كان الشخص ستصيبه صدمة نفسية “تروما” من موقف معين أم لا، فإن التروما تتوقف على ردود أفعال الأشخاص تجاه تجاربهم السيئة، وردود الأفعال تختلف من شخص لآخر، فقد يمر شخصان بنفس التجربة السيئة، ويستطيع أحدهما تخطي الأثر السلبي لهذه التجربة خلال وقت قصير، أما الآخر فتستمر مشاعره السلبية لمدة أطول مما يؤثر بالسلب على حياته اليومية. قد يصاب الشخص بصدمة نفسية عندما يمر ببعض المواقف التي قد يشعر فيها بما يلي:

الخوف أو الرعب الشديد.
الإذلال والإهانة.
الرفض والإهمال.
الخجل الشديد.
العجز.

ما هي أنواع التروما؟

توجد تصنيفات عديدة لأنواع الصدمات النفسية “التروما”، ولكن بشكل عام يمكن تقسيم أنواع الصدمات النفسية كالتالي:

الصدمة النفسية الحادة:

تحدث نتيجة لتعرض الشخص لحدث واحد شديد الخطورة.

الصدمة النفسية المزمنة:

تكون نتيجة التعرض لأحداث مؤلمة بشكل متكرر لمدة طويلة، مثل: التعرض للعنف المنزلي ضد الأطفال، أو التعرض للتنمر.

الصدمة النفسية المعقدة:

تحدث عندما يتعرض الشخص لأكثر من حدث مؤلم وصادم.

الصدمة النفسية الثانوية أو غير المباشرة:

يكون هذا النوع من الصدمة نتيجة التعرض لحدث مؤلم بشكل غير مباشر، إذ يكون نتيجة الاتصال الوثيق بشخص آخر تعرض لحدث صادم.

اكتشف أعراض التروما

عند التعرض لأحداث مؤلمة وصادمة، يكون من الطبيعي وجود ردود أفعال عاطفية أو جسدية تختلف شدتها من شخص لآخر، ومن المفترض أن تهدأ ردود الفعل هذه بعد مرور بضعة أيام أو أسابيع، ولكن قد تستمر الأعراض لمدة أطول لدى بعض الأشخاص، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل مثل: طبيعة الحدث الصادم، تلقي الدعم، ضغوط الحياة، قدرة الشخص على التكيّف. يمكن تقسيم أعراض الصدمة النفسية “التروما” كما يلي:

أعراض جسدية:

تشمل أعراض مثل التعب والإرهاق، واليقظة المفرطة “البحث المستمر عن علامات الخطر”، واضطراب النوم.

أعراض معرفية:

تشمل وجود كوابيس وأفكار مفرطة عن الحدث الصادم، وضعف التركيز والذاكرة وكذلك الارتباك.

أعراض سلوكية:

تجنب الأماكن أو الأنشطة التي تذكّر الشخص بالحدث الصادم، وكذلك العزلة والانسحاب الاجتماعي، وفقدان الشغف والاهتمام بالأنشطة اليومية.

أعراض عاطفية:

تشمل أعراض مثل: الخوف والاكتئاب والقلق والذعر والشعور بالذنب والغضب والتهيج. على الرغم من أن هذه الأعراض قد تكون مؤلمة للكثير من الأشخاص، إلا أنها جزء من عملية الشفاء الطبيعية بعد التعرض للصدمات النفسية وعادة تختفي هذه الأعراض بعد مدة قصيرة لدى أغلب الأشخاص.

طرق علاج التروما

عادة تختفي أعراض الصدمة النفسية مع مرور الوقت لدى معظم الأشخاص، ولكن إذا كانت الأعراض شديدة وتؤثر على النشاط اليومي للشخص، في هذه الحالة يجب عليه الخضوع للعلاج، وتشمل طرق علاج الصدمة النفسية “التروما” ما يلي:

العلاج السلوكي المعرفي “CBT”:

يعتبر هذا النوع من العلاج هو الأكثر فعالية لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة، وهو يساعد الأشخاص على تغيير أنماط تفكيرهم من أجل تحسين سلوكياتهم وعواطفهم.

إزالة حساسية حركة العين وإعادة معالجتها “EMDR”:

يعتمد هذا النوع من العلاج على استعادة الشخص لتجربته المؤلمة لفترة وجيزة بينما يوجه المعالج حركات عينيه، ويهدف ذلك إلى مساعدة الأشخاص على معالجة ودمج الذكريات الصادمة.

العلاج الجسدي:

يشمل هذا النوع من العلاج بعض التقنيات المخصصة كما يلي:

التجربة الجسدية: تسمح هذه التقنية من العلاج للشخص باستعادة التجربة المؤلمة في مكان آمن.
العلاج النفسي الحسي الحركي: تجمع هذه التقنية بين العلاج النفسي وكذلك تقنيات العلاج التي تعتمد على الجسم من أجل تحويل الذكريات المؤلمة إلى مصادر للقوة.
تحفيز نقاط الوخز: يقوم الممارس بالضغط على نقاط معينة في الجسم مما يؤدي إلى الاسترخاء.

من الجدير بالذكر أنه لم تثبت مدى فعالية العلاجات الجسدية في علاج الصدمات النفسية، ولكن على العكس تمامًا فقد ثبتت فعالية العلاج السلوكي المعرفي و”EMDR” في علاج اضطرابات ما بعد الصدمة.

العلاج بالأدوية والعقاقير الطبية:

لا تعالج الأدوية وحدها اضطرابات الصدمات النفسية، ولكنها يمكن أن تساعد على تخفيف بعض الأعراض مثل: القلق والاكتئاب واضطرابات النوم.

الرعاية الذاتية:

ممارسة الرعاية الذاتية تساعد الشخص على التعامل مع المشاكل النفسية والعاطفية والجسدية التي تواجهه فيما بعد الصدمة، من أمثلة الرعاية الذاتية ما يلي:

ممارسة التمارين الرياضية لمدة ٣٠ دقيقة يوميًا، فقد أشارت الأبحاث إلى أن التمارين الرياضية قد تكون علاجًا فعالًا لاضطرابات ما بعد الصدمة.
ممارسة تمارين اليقظة الذهنية، إذ تساعد على تثبيت الأشخاص في الحاضر، مما قد يمنعهم من معايشة الذكريات المؤلمة مرة أخرى.
التواصل مع الآخرين، إذ ثبت أن البقاء على اتصال مع الأصدقاء والعائلة يساعد على منع تطور اضطرابات ما بعد الصدمة، وليس من الضروري التحدث مع الآخرين عن الصدمة بشكل مباشر إذا كان الأمرصعبًا للغاية، ولكن مجرد التحدث مع الآخرين يساعد على تحسين المزاج والحالة النفسية.
اتباع أسلوب حياة متوازن: قد يواجه الأشخاص المصابون بالصدمة مشاكل في الاسترخاء أو النوم، ومع ذلك فإن اتباع أسلوب حياة متوازن يساعد على تخفيف أعراض ما بعد الصدمة، ويشمل أسلوب الحياة المتوازن ما يلي:

النوم من ٧ إلى ٩ ساعات في الليلة الواحدة.
اتباع نظام غذائي متوازن.
الابتعاد عن الكحول والمخدرات.
ممارسة الأنشطة المختلفة من أجل تخفيف التوتر.

نصائح للتعايش مع التروما

إذا تعرضت أو تعرض أحد أفراد أسرتك لحدث صادم، إليك بعض النصائح التي قد تساعد في التخفيف من أعراض الصدمة النفسية:

المواجهة العاطفية:

واجه ألمك وذكّر نفسك أنك تمر برد فعل طبيعي تجاه تجربة غير طبيعية، وتجنب استخدام الكحول أو المخدرات، ويمكنك مشاركة مشاعرك مع الآخرين ممن تثق بهم.

الدعم الاجتماعي:

اسمح لأصدقائك وعائلتك بمعرفة احتياجاتك، وأخبرهم عندما تكون متعبًا أو بحاجة إلى التحدث أو بحاجة لمجرد وجود شخص ما معك. إذا كان الحدث الصادم هو حدث عام (مثل الكوارث الطبيعية) يمكنك طلب المساعدة من مجموعات الدعم المحلية أو استشارة الطبيب النفسي إذا لزم الأمر.

حافظ على روتين يومك الطبيعي، واستمر في الانشغال ويمكنك أيضًا ممارسة التمارين الرياضية، واحرص على تجنب الكافيين واحصل على قسط كافي من النوم، ومارس الأنشطة التي تحبها فإن ذلك سيساعدك على استعادة الشعور بالأمان مرة أخرى.