تخيل أنك على وشك النوم بعد يومٍ طويل، ولكن إحساسًا مزعجًا في ساقيك يُجبرك على التحرك دون توقف، وكأن هناك شيئًا يزحف في داخلهما! هذا الشعور الغامض والمزعج قد يكون أكثر من مجرد تعب عابر، إنه ما يُعرف بمتلازمة تململ الساقين، اضطراب يؤثر على الأعصاب والنوم ويُسبب رغبة لا يمكن مقاومتها لتحريك الساقين. تابع قراءة هذه المقالة لتعرف أكثر عن ما هي متلازمة تململ الساقين وأسبابها وأعراضها وطرق العلاج.
ما هي متلازمة تململ الساقين؟
متلازمة تململ الساقين (Restless Legs Syndrome – RLS)، والمعروفة أيضًا باسم مرض ويليس-إكبوم، هي اضطراب عصبي يؤثر على الدماغ والنوم، ويُسبب رغبة قوية لا يمكن مقاومتها لتحريك الساقين، عادةً نتيجة إحساس مزعج أو غير مريح فيهما مثل: الخفقان أو الألم أو التنميل.
تظهر الأعراض غالبًا في المساء أو أثناء الراحة، مثلًا عند الجلوس لفترات طويلة أو الاستلقاء للنوم، ويؤدي تحريك الساقين إلى تخفيف مؤقت لهذه الأعراض.
يمكن أن تبدأ المتلازمة في أي عمر، إلا أنها تميل إلى التفاقم مع التقدم في السن، وقد تسبب صعوبات في النوم تؤثر على النشاط اليومي وجودة الحياة.
ورغم أن الحالة مزمنة في كثير من الأحيان، إلا أن تغييرات بسيطة في نمط الحياة وبعض الأدوية يمكن أن تساعد على السيطرة على الأعراض وتحسين النوم.

ما هي متلازمة تململ الساقين
أسباب متلازمة تململ الساقين
لا يزال السبب الدقيق لهذه المتلازمة غير واضح تمامًا، إلا أن الأبحاث تشير إلى أن الخلل في عمل مادة الدوبامين في الدماغ -وهي المادة الكيميائية المسؤولة عن تنظيم حركة العضلات- قد يكون له دور رئيسي في ظهور الأعراض، إذ يؤثر هذا الخلل على الجزء من الدماغ المعروف باسم العقد القاعدية، والمسؤول عن تنسيق الحركات الإرادية.
إضافةً إلى ذلك، هناك مجموعة من العوامل التي يُعتقد أنها تُساهم في تطور أو تفاقم الحالة، من أبرزها:
- العوامل الوراثية: تميل متلازمة تململ الساقين إلى الانتقال وراثيًا داخل العائلات، خاصةً عندما تبدأ الأعراض قبل سن الأربعين، وقد حدد الباحثون مناطق على الكروموسومات يُحتمل أن تحتوي على الجينات المسؤولة عنها.
- نقص الحديد: قد يؤدي انخفاض مستوى الحديد في الدماغ -حتى مع بقاء مستوياته في الدم طبيعية- إلى زيادة خطر الإصابة بالمتلازمة.
- الحالات الطبية المزمنة: مثل فقر الدم، والسكري، وأمراض الكلى، واعتلال الأعصاب المحيطية، واضطرابات تعاطي المخدرات، والتي قد تُسبب ما يُعرف بمتلازمة تململ الساقين الثانوية.
- الأدوية: يمكن أن تؤدي بعض الأدوية إلى تحفيز أو تفاقم الأعراض، مثل: مضادات الهيستامين، ومضادات الاكتئاب، وأدوية الغثيان.
- الحمل والتغيرات الهرمونية: قد تُصاب بعض النساء بالمتلازمة للمرة الأولى أثناء الحمل، خاصةً في الثلث الأخير، إلا أن الأعراض غالبًا ما تختفي بعد الولادة.
في بعض الحالات، لا يُمكن تحديد سبب واضح، وتُعرف حينها الحالة باسم متلازمة تململ الساقين الأولية أو مجهولة السبب.
أعراض تململ الساقين
العرض الرئيسي لهذه المتلازمة هو الرغبة الملحّة في تحريك الساقين نتيجة شعور مزعج أو غير مريح يصعب تجاهله، وغالبًا ما تبدأ هذه الأحاسيس أثناء الراحة أو الجلوس أو الاستلقاء لفترة طويلة، مثل: أثناء مشاهدة فيلم أو السفر بالسيارة أو الطائرة.
تُوصف هذه الأحاسيس عادة بأنها شعور بالزحف، أو الشد، أو الخفقان، أو الحكة، أو الألم، أو الوخز، أو الكهرباء داخل الساقين، وليس على الجلد، وفي بعض الحالات، قد تمتد إلى الذراعين أو أجزاء أخرى من الجسم.
تتميز الأعراض بأنها:
- تزداد سوءًا في المساء أو أثناء الليل، وغالبًا ما تتداخل مع النوم.
- تتحسن مؤقتًا بالحركة مثل: المشي، أو تمديد الساقين، أو هزهما.
- قد ترافقها حركات لاإرادية متكررة للساقين أثناء النوم، تُعرف بـ”حركات الأطراف الدورية”، وتسبب ارتعاشًا أو ركلًا أثناء الليل.
هذه الاضطرابات قد تؤدي إلى صعوبة في النوم أو البقاء نائمًا، مما ينتج عنه تعب أو نعاس نهاري، وضعف في التركيز أو الذاكرة، وتغيرات في المزاج مثل: القلق أو الاكتئاب، وتختلف شدة الأعراض من شخص لآخر، فقد تتحسن أحيانًا ثم تعود، أو تختفي لفترات ثم تظهر مجددًا.
علاج متلازمة تململ الساقين
يعتمد علاج متلازمة (RLS) على تحديد السبب الكامن وشدة الأعراض، ففي حال كانت ناتجة عن مشكلة أخرى مثل: نقص الحديد، فإن معالجة هذه الحالة غالبًا ما تُخفف من الأعراض، وقد يشمل ذلك تناول مكملات الحديد عن طريق الفم أو عبر الحقن الوريدي، ولكن يجب تناولها فقط تحت إشراف طبي وبعد فحص مستوى الحديد في الدم.
كما قد يقوم الطبيب بمراجعة الأدوية التي يتناولها المريض، إذ يمكن لبعض الأدوية أن تُفاقم الأعراض، مثل: بعض مضادات الاكتئاب أو أدوية الحساسية، وقد يوصي الطبيب بتعديلها أو استبدالها.
في الحالات التي لا يوجد فيها سبب واضح، يُركز العلاج على تخفيف الأعراض وتحسين جودة النوم من خلال مزيج من تغييرات نمط الحياة والأدوية المناسبة.

علاج متلازمة تململ الساقين
أولاً: العلاجات المنزلية وتغيير نمط الحياة
في الحالات الخفيفة، قد تكون التغييرات اليومية كافية لتقليل الانزعاج، وتشمل:
- ممارسة نشاط بدني منتظم كالمشي أو ركوب الدراجة، مع تجنب التمارين الشديدة قبل النوم.
- الالتزام بعادات نوم جيدة والحرص على النوم في مواعيد ثابتة.
- تدليك الساقين أو نقعهما في ماء دافئ أو استخدام كمادات حرارية أو باردة لتخفيف التوتر العضلي.
- تقليل الكافيين والتبغ والكحول.
- إدارة التوتر النفسي من خلال تمارين الاسترخاء أو جلسات العلاج النفسي عند الحاجة.
ثانيًا: الأدوية والعلاجات الطبية
عندما لا تكفي العلاجات المنزلية، قد يصف الطبيب أحد الأدوية التالية حسب الحالة:
- مكملات الحديد: تُستخدم عند وجود نقص في الحديد، وغالبًا ما تُعطى مع فيتامين (ج) لتحسين الامتصاص.
- الأدوية المؤثرة على قنوات الكالسيوم مثل: جابابنتين، أو جابابنتين إيناكاربيل، أو بريجابالين، وهي غالبًا الخيار الأول لتخفيف الأعراض “لايمكنك الحصول علي تلك الأدوية دون الطبيب فهي أدوية ذات قابلية للإدمان .
- أدوية تحفيز الدوبامين مثل: براميبكسول، روبينيرول، أو روتيجوتين، والتي تعمل على تحسين إشارات الحركة في الدماغ، ولكن قد تُسبب تفاقم الأعراض مع الوقت أو آثارًا جانبية مثل: السلوك الاندفاعي.
- ليفودوبا (كاربيدوبا-ليفودوبا): يُستخدم للحالات العرضية فقط وليس بشكل يومي لتجنّب زيادة الأعراض.
- المواد الأفيونية بجرعات منخفضة مثل: الأوكسيكودون أو البوبرينورفين، تُستخدم فقط عند فشل العلاجات الأخرى وتحت إشراف طبي دقيق.
- الأدوية المساعدة على النوم أو البنزوديازيبينات مثل: كلونازيبام قد تُستخدم مؤقتًا لتحسين النوم في الحالات الشديدة”لايمكنك الحصول علي تلك الأدوية دون الطبيب فهي أدوية ذات قابلية للإدمان .
في بعض الحالات، يمكن أن يُساعد التحفيز الكهربائي للعصب عند جانب الركبة على تخفيف الأعراض، ويتطلب هذا العلاج وصفة طبية من أخصائي.
ملاحظات مهمة:
- يجب مراقبة أي آثار جانبية أو تفاقم للأعراض مع مرور الوقت، خصوصًا عند استخدام أدوية الدوبامين.
- لا تُستخدم معظم الأدوية الخاصة بـ RLS أثناء الحمل، ويُوصى بالاعتماد على العلاجات الطبيعية ومكملات الحديد.
- قد يستغرق الأمر وقتًا لتحديد العلاج الأنسب لكل مريض، وغالبًا ما يُتابَع العلاج تحت إشراف مختص في الأعصاب أو اضطرابات النوم.
في الختام، تُعد متلازمة تململ الساقين حالة شائعة، ورغم أن السبب الدقيق لها ما زال غير مفهوم تمامًا، فإن التشخيص المبكر والتعامل مع العوامل المسببة يمكن أن يُحدثا فرقًا ملحوظًا في تخفيف الأعراض وتحسين جودة الحياة. إن تبنّي نمط حياة صحي، والحرص على النوم المنتظم، ومراجعة الطبيب عند استمرار الأعراض، هي خطوات أساسية نحو السيطرة على المتلازمة والنوم براحة أكبر.
المصادر:
اترك تعليقاً
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *